وأرى قليلاً من الإخوان قد فارقونا في رمضان، فما سبب هَجرهم لموقعنا؟ فهل هي صلوات النافلة وخلواتهم بربّهم وانقطاعهم لعبادته؟ - لكن وكذلك في موقع المهديّ المنتظَر مِنَ الذين يعملون على النسخ والنشر لهم أشدُّ أجراً عند الله بفارقٍ عظيمٍ لأنهم سينقذون البشر ويتسبّبون في هُداهم - أم إنه هَجَرَ موقعنا في شهر رمضان هذا؟ فمن الذي يأمن مكر الله؟ ولكننا لم نؤكِّد للبشر أن الصيحة في رمضان هذا فلربما هذا أو في رمضانَ آخرَ أو يستبدلها بآيةٍ أُخرى، وكلّ يومٍ هو في شأنٍ بسبب دعاء العباد، فما يُدريكم يا معشر الذين يأمنون مكر الله أن يُعذِّبكم الله اليوم "يوم الجمعة" أو الغد أو بعد ذلك أو يأتيكم الموت وأنتم لا تزالون معرضين، بل الصيحة لو حدثت فهي أهون من كوكب العذاب! فراجعوا بياني في هذا الشأن فلم نُؤكِّد لكم ولم نُؤكِّد للبشر إلّا إنها أدركت الشمس القمر، ولا تأمنوا مكر الله ولا تتمنّوا الهلاك للعباد وتمنَّوا لهم الهُدى، ويا معشر أحباب الرحمن هل يُرضيكم أن يُهلِك اللهُ عبادَه استجابةً لدعائِكم ثمّ يقول: {يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ ۚ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴿٣٠﴾ أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ ﴿٣١﴾} صدق الله العظيم [يس]؟

فتدبَّروا وتفكَّروا:
{وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ ﴿٢٠﴾ اتَّبِعُوا مَن لَّا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُم مُّهْتَدُونَ ﴿٢١﴾ وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴿٢٢﴾ أَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً إِن يُرِدْنِ الرَّحْمَـٰنُ بِضُرٍّ لَّا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنقِذُونِ ﴿٢٣﴾ إِنِّي إِذًا لَّفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ﴿٢٤﴾ إِنِّي آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ ﴿٢٥﴾ قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ ۖ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ ﴿٢٦﴾ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ ﴿٢٧﴾ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَىٰ قَوْمِهِ مِن بَعْدِهِ مِن جُندٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ ﴿٢٨﴾ إِن كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ ﴿٢٩﴾ يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ ۚ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴿٣٠﴾ أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ ﴿٣١﴾} صدق الله العظيم [يس].

وأُذكِّر البشر بما وعدهم الله في القرآن العظيم، وأمّا حدث العذاب فانظروا لفتوى الله لرسوله حين سُئِل عن ذلك أن يقول: {قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَّا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَدًا ﴿٢٥﴾} صدق الله العظيم [الجن].

اقتباس المشاركة 5618 من موضوع إنما الله الواحد القهّار مع البشر بالسمع والبصر والقُدرة المُطلقة ..


الإمام ناصر محمد اليماني
21 - 09 - 1430 هـ
11 - 09 - 2009 مـ
05:36 مساءً
ــــــــــــــــــــ



إنما الله الواحد القهّار مع البشر بالسمع والبصر والقُدرة المطلقة ..


بسم الله الرحمن الرحيم، وسلامٌ على المرسلين، والحمدُ لله ربّ العالمين..
أخي الكريم: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وما رأيك أن تجعلها صلاةً واحدةً في اليوم من تلقاء نفسك؟ ثمّ انظر لردّ الله على نبيّه الذي هو خيرٌ منك صلّى الله عليه وآله وسلّم: {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ ﴿٤٤﴾ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ﴿٤٥﴾ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ ﴿٤٦﴾ فَمَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ ﴿٤٧﴾} صدق الله العظيم [الحاقة].

وقال الله تعالى: {قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاءِ نَفْسِي ۖ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ} صدق الله العظيم [يونس:15].

ويا أخي الكريم: إن لَمِن أخطر الأمور على البشر جميعاً هي الفتوى في الدين بغير علمٍ من ربّ العالمين بالظنّ الذي لا يُغني من الحقّ شيئاً؛ مغامرةً فقد يكون على صواب وقد يكون على خطأ، فمن أمركم بذلك؟ ومن كان يعلم علم اليقين بسلطان العلم البيِّن من ربّ العالمين يأتي به من كتاب الله وسُنّة رسوله الحقّ التي لا تُخالف لمحكم القرآن العظيم فليُفتِ، ومن لا يعلم فليقُل: (لا أعلم) وأُبشِّره بأجر مُفتٍ وكأنه أفتى، وذلك لأنه اتَّقى الله ولم يقُل على الله ما لم يعلم فذلك من أمر الشيطان وليس من أمر الرحمن، وحذَّركم الله أن تتبعوا أمر الشيطان وقال الله تعالى: {إِنَّمَا يَأْمُرُكُم بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّـهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴿١٦٩﴾} صدق الله العظيم [البقرة].

وأما ربّ العالمين إنما هو معكم بعِلمه وسمعه وبصره يرى تقلُّبكم ومثواكم أينما كنتم وما يكون من نجوى اثنين إلّا وهو ثالثهم ولا ثلاثةٍ إلّا وهو رابعهم، أيْ: إنه معهم بسمعه وبصره وعِلمه وقدرته وليس بذاته، فانظر لقول موسى مُخاطباً ربّه تعالى: {قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ ﴿٣٣﴾} صدق الله العظيم [القصص]، ثمّ انظر لردّ الله عليه: {قَالَ لَا تَخَافَا ۖ إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَىٰ ﴿٤٦﴾} صدق الله العظيم [طه].

إذاً؛ الله بسمعه وبصره وعِلمه وقدرته في السّماء والأرض، تصديقاً لقول الله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَـٰهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَـٰهٌ} صدق الله العظيم [الزخرف:84].

ولكنه إلهٌ واحدٌ وقال الله تعالى: {وَإِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ ۖ لَّا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَـٰنُ الرَّحِيمُ ﴿١٦٣﴾} صدق الله العظيم [البقرة].

وإنما الله الواحد القهّار مع البشر بالسمع والبصر والقُدرة المطلقة فيقول للشيء كُن فيكون حيث يريد في الكون، وقال الله تعالى: {رَّبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ ۚ إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴿٦٦﴾ وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ ۖ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ ۚ وَكَانَ الْإِنسَانُ كَفُورًا ﴿٦٧﴾ أَفَأَمِنتُمْ أَن يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلًا ﴿٦٨﴾} صدق الله العظيم [الإسراء].

ولكن ذاته سبحانه في السّماء، وقال الله تعالى: {أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاءِ أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ ﴿١٦﴾ أَمْ أَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاءِ أَن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ۖ فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ ﴿١٧﴾ وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ ﴿١٨﴾} صدق الله العظيم [الملك].

فأين يكون في السّماء؟ قال الله تعالى: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّـهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ} صدق الله العظيم [الأعراف:54].

فما هو العرش وما حجمه؟ والجواب: إن عرشه المستوي عليه هو شجرةٌ تُحيط بالكون كُلّه من جميع جوانبه، وهي منتهى خلقه وليس منتهى قدرته في الخلق؛ بل منتهى الخلق وأقرب شيءٍ إلى ذاته، فما دونها الخلق وما بعدها الخالق، ولذلك تُسمَّى في الكتاب سدرة المُنتهى، فأمّا موقعها فهي بأفق الكون، وقال الله تعالى: {وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ ﴿٢٣﴾ وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ ﴿٢٤﴾ وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ ﴿٢٥﴾} صدق الله العظيم [التكوير].

ولربما الجاهلون الذين يقولون على الله ما لا يعلمون يقولون: "إنَّ محمداً رسول الله رأى ربَّه!" سبحانه وتعالى علوّاً كبيراً! بل رأى مُعلِّمهُ جبريل عليه الصلاة والسلام نزلةً أُخرى وليس بصورة البشر؛ بل بِهَيئَته الملائكيّة كما خلقه الله حين وصلا إلى سدرة المنتهى، وكان النور يُشرق منها للملأ الأعلى في عِليِّين، ومن ثمّ تحوَّل جبريل عليه الصلاة والسلام إلى هيئته الملائكية فخرَّ لِله ساجداً فعلِم محمدٌ رسول الله أنهم قد وصلا إلى مقامهم المعلوم، فإذا بالله ينادي نبيّه من وراء الشجرة ويُرحِّب به ويخاطبه ليلةَ زيارته لربّه، وكما قلنا: إن الشجرة بالأفق المبين بمعنى أنها سدرة المنتهى وأعلى منها الخالق ودونها الخلائق. وقال الله تعالى:
{وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ ﴿١﴾ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ ﴿٢﴾ وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ ﴿٣﴾ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ ﴿٤﴾ عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَىٰ ﴿٥﴾ ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَىٰ ﴿٦﴾ وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَىٰ ﴿٧﴾ ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ ﴿٨﴾ فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىٰ ﴿٩﴾ فَأَوْحَىٰ إِلَىٰ عَبْدِهِ مَا أَوْحَىٰ ﴿١٠﴾ مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَىٰ ﴿١١﴾ أَفَتُمَارُونَهُ عَلَىٰ مَا يَرَىٰ ﴿١٢﴾ وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَىٰ ﴿١٣﴾ عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَىٰ ﴿١٤﴾ عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَىٰ ﴿١٥﴾ إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَىٰ ﴿١٦﴾ مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ ﴿١٧﴾ لَقَدْ رَأَىٰ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَىٰ ﴿١٨﴾} صدق الله العظيم [النجم].

ولم يرَ ذات الله سبحانه؛ بل {لَقَدْ رَأَىٰ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَىٰ ﴿١٨﴾} صدق الله العظيم [النجم]، ومنها سدرة المُنتهى وموقعها نهاية الكون وتحيط بالكون من جميع جوانبه.

ويا عثمان إنك تؤمن أن الجنّة عرضها كعرض السّماوات والأرض ومن ثمّ تجدها في الكتاب ليست إلّا عند سدرة المُنتهى، بمعنى أن سدرة المُنتهى هي أكبر حجماً من الجنّة التي عرضها كعرض السّماوات والأرض ولذلك جعلها الله علامةً لموقع الجنّة، وقال الله تعالى: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَىٰ ﴿١٣﴾ عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَىٰ ﴿١٤﴾ عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَىٰ ﴿١٥﴾} صدق الله العظيم [النجم].

ويا عثمان سبِّحْ الرحمنَ على العرش استوى، وسبِّحْ اسمَ ربِّك الأعلى وليس ربُّك جاثماً بين يديك غير أنك لا تراه سبحانه وتعالى علوّاً كبيراً! فلا تكن من الجاهلين وقُل ((اللهُ أكبر كبيراً)) فلا يوجد شيءٌ في خلقه سبحانه من هو أكبر منه سبحانه وتعالى علوّاً كبيراً! ليس كمثله شيءٌ وهو السميع البصير.

فكيف لم تجعلوا فرقاً بين الرحمن والإنسان إلّا إنّ المسيح الدّجال أعور وربّكم ليس بأعور؟! فما أجهل علماءَكم الذين لا يستخدمون عقولهم شيئاً ويتّبعون أسلافهم الاتّباع الأعمى ويقولون: "هم أعلم منّا وهم أحكم منّا فلا يجوز أن نستخدم عقولنا؛ بل نتّبع ما وجدنا عليه أسلافنا من قبلنا"!

ويا عثمان فلا تتبعهم أولئك قومٌ لا يعقلون، ولم يأمر البشرَ المهديُّ المنتظَر ويقول لهم:" اتّبعوني الاتّباع الأعمى"، فلكل دعوى برهانٌ وجعل الله برهان الإمامة والخلافة البيان الحقّ للقرآن.

وأرى قليلاً من الإخوان قد فارقونا في رمضان، فما سبب هَجرهم لموقعنا؟ فهل هي صلوات النافلة وخلواتهم بربّهم وانقطاعهم لعبادته؟ - لكن وكذلك في موقع المهديّ المنتظَر مِنَ الذين يعملون على النسخ والنشر لهم أشدُّ أجراً عند الله بفارقٍ عظيمٍ لأنهم سينقذون البشر ويتسبّبون في هُداهم - أم إنه هَجَرَ موقعنا في شهر رمضان هذا؟ فمن الذي يأمن مكر الله؟ ولكننا لم نؤكِّد للبشر أن الصيحة في رمضان هذا فلربما هذا أو في رمضانَ آخرَ أو يستبدلها بآيةٍ أُخرى، وكلّ يومٍ هو في شأنٍ بسبب دعاء العباد، فما يُدريكم يا معشر الذين يأمنون مكر الله أن يُعذِّبكم الله اليوم (يوم الجمعة) أو الغد أو بعد ذلك أو يأتيكم الموت وأنتم لا تزالون معرضين؟ بل الصيحة لو حدثت فهي أهون من كوكب العذاب! فراجعوا بياني في هذا الشأن فلم نُؤكِّد لكم ولم نُؤكِّد للبشر إلّا إنها أدركت الشمس القمر، ولا تأمنوا مكر الله ولا تتمنّوا الهلاك للعباد وتمنَّوا لهم الهُدى، ويا معشر أحباب الرحمن هل يُرضيكم أن يُهلِك اللهُ عبادَه استجابةً لدعائِكم ثمّ يقول: {يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ ۚ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴿٣٠﴾ أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ ﴿٣١﴾} صدق الله العظيم [يس]؟

فتدبَّروا وتفكَّروا:
{وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ ﴿٢٠﴾ اتَّبِعُوا مَن لَّا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُم مُّهْتَدُونَ ﴿٢١﴾ وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴿٢٢﴾ أَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً إِن يُرِدْنِ الرَّحْمَـٰنُ بِضُرٍّ لَّا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنقِذُونِ ﴿٢٣﴾ إِنِّي إِذًا لَّفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ﴿٢٤﴾ إِنِّي آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ ﴿٢٥﴾ قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ ۖ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ ﴿٢٦﴾ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ ﴿٢٧﴾ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَىٰ قَوْمِهِ مِن بَعْدِهِ مِن جُندٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ ﴿٢٨﴾ إِن كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ ﴿٢٩﴾ يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ ۚ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴿٣٠﴾ أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ ﴿٣١﴾} صدق الله العظيم [يس].

وأُذكِّر البشر بما وعدهم الله في القرآن العظيم، وأمّا حدث العذاب فانظروا لفتوى الله لرسوله حين سُئِل عن ذلك أن يقول: {قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَّا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَدًا ﴿٢٥﴾} صدق الله العظيم [الجن].

فلا تَأمنوا مكر الله يا معشر البشر المعرِضين عن البيان الحقّ للذِّكر، فلا تستعجلوا بالسيئة قبل الحسنة خيرٌ لكم؛ اتَّبعوا الهُدى خيرٌ لكم من أن تنتظروا العذاب، وما أعلمه علمَ اليقين أنهُ نازلٌ وأنا فيكم ويَصرفه الله عمَّن يشاء ويُصيب به من يشاء، وفِرّوا إلى الله من بطشه بالتّوبة والإنابة إني لكم منه نذيرٌ مبينٌ، وأُفتيكم عن الحكمة من عدم تبيان موعد العذاب لكم لأنكم سوف تنتظرون فتُنظِرون التصديق حتى تروا العذاب الأليم ثمّ تُصدِّقون! فهذه عقولكم العفِنة المُلوَّثة يا معشر المُعرِضين عن البيان الحقّ للقرآن العظيم! وهذا لا يدلّ على ذكائكم يا معشر المنتظِرين لعذاب الله ثمّ يصدِّقون البيان الحقّ للذِّكر للمهديّ المنتظَر ناصر محمد اليمانيّ حين يرون العذاب الأليم وقال الله تعالى: {أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنتُم بِهِ ۚ آلْآنَ وَقَدْ كُنتُم بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ ﴿٥١﴾} صدق الله العظيم [يونس].

بل والله إن انتظاركم وتأخير التصديق حتى تروا العذاب يدلّ على أن عقولكم هي ذاتها عقول الكُفّار في عصر التنزيل الذين قالوا: {وَإِذْ قَالُوا اللَّـهُمَّ إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴿٣٢﴾} صدق الله العظيم [الأنفال].

فإن الذين يؤخِّرون التصديق بالحقّ من ربّهم حتى يُعذِّبهم فعقولهم كمثل عقول الذين قالوا هذا القول فهم من الأغبياء، بل أشدُّ غباءً من الحمير، ولكنّ أولي الألباب الأذكياء سوف يقولون:

اللهم إن كان هذا هو الحقّ من عندك فبصِّرنا به من قبل أن تُعذِّبنا فتُذِلّنا وتُخزينا اللهم لا عِلم لنا إلّا ما علَّمتنا وبيدك قلوبنا، اللهم إن كان هذا هو الحقّ من عندك فبصِّرنا به وأرِنا الحقّ حقاً وأَوْزِعنا أن نشكر نعمتك علينا إذ جعلت قَدَرَ أُمّتنا في عصر المهديّ المنتظَر الذي ينتظره البشر منذُ أمدٍ بعيدٍ ليهديهم جميعاً إلى صراط العزيز الحميد، ولا تجعلنا من الكافرين بكُتب الله ورُسله حتى إذا جاءهم العذاب {قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ ﴿١٤﴾ فَمَا زَالَت تِّلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّىٰ جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ ﴿١٥﴾} صدق الله العظيم [الأنبياء].

وتَضرَّعوا لله يا معشر المسلمين الذين أَشهدهم الله على بيان المهديّ المنتظَر لتبليغ البشر، وأنيبوا إلى الله الواحد القهّار وتفكَّروا لو أن ناصر محمد اليمانيّ هو المهديّ المنتظَر الحقّ من ربّ العالمين وأنتم لم تنصروه وأعرضتم عنه فتذكَّروا يا معشر المؤمنين كم مدى حسرتكم وحزنكم في أنفسكم لو أنكم نصرتم خليفة ربكم، ومن ثمّ تبكون بين يدي الله وتقولون:

اللهم لا تَحرمنا نُصرةَ ناصر محمد اليمانيّ وشَدّ أزره ونشْر أمره إن كان هو حقاً المهديّ المنتظَر، اللهم فبصِّرنا بالحقّ وأَوْزِعنا أن نشكر نعمتك التي أنعمتَ علينا بقَدَر العثور على موقعه وبقَدَر القَدَر المقدور لوجوده فينا وفي جيلنا، اللهم إنك قلت وقولك الحقّ: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴿٧﴾} صدق الله العظيم [إبراهيم]. اللهم فاجعلنا من الشاكرين لا من الكافرين، اللهم بصِّرنا بالصراط المستقيم ببصيرة البيان الحقّ للقرآن العظيم.

وسلامٌ على المرسلين، والحمدُ لله ربّ العالمين..
أخوكم الإمام ناصر محمد اليماني.
_____________
اضغط هنا لقراءة البيان المقتبس..